الشهيد القائد "أبو اليمامة".. بصمات حاضرة بعد ثلاثة أعوام من الرحيل

لا تمرُّ ذكرى استشهاد الشهيد القائد منير أبي اليمامة، دون إحياء يليقُ ببطولاته وبصماته الاستثنائية في بناء قوات جنوبية ضاربة سحقت الإرهاب في عدن وأبين مرورًا بلحج. فبعد مرور 3 أعوام على الجريمة الغادرة التي عمدت ضرب الجنوب باستهداف واحد من أهم أعمدته، فما زال الجنوبيون أوفياء لتضحيات وبطولات أبي اليمامة والتي توجها بالتضحية بحياته وعمَّدها بدمائه الطاهرة التي روت ساحة الشرف والبطولة.

 

 

الميلاد والنشأة

 

 

ولد منير محمود أحمد علي بن علي صالح المشألي يوم 6 يوليو 1973م، في قرية رباط الواقعة في أعلى وادي يَمَن في منطقة مشألة بيافع محافظة لحج.

 

بعد استكمال دراسته للصف السادس في مدرسة الحرية بيهر انتقل أبو اليمامة إلى مدرسة الشهيد قَميح للبدو الرحل في كرش، وفي هذه المدرسة واصل دراسته محافظا على مثابرته وتميزه سلوكا ودراسة حتى أنهى مرحلة التعليم الأساسي ثم التحق إلى المرحلة الثانوية في المدرسة نفسها التابعة لمعسكر لبوزة.

 

وخلال سنوات دراسته الابتدائية والثانوية نسج علاقات واسعة مع زملاء دراسته، وهذا ما جعل منه لاحقا شخصية اجتماعية محبوبة.

 

 

الالتحاق بالجيش

 

 

التحق بالقوات المسلحة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عام 1989م ولشغفه بالتعليم تمكن من إكمال المرحلة الثانوية في المدرسة نفسها التابعة لمعسكر لبوزة خلال فترة خدمته.

 

وخلال الفترة 1991- 1993م التحق بدورة تأهيلية في العلوم السياسية العسكرية مكنته من الإلمام بالمعارف والعلوم العسكرية وصقل قدراته ومهاراته القتالية والعسكرية، ثم عمل بعد تخرجه في عمليات لواء لبوزة.

في حرب 1994م قاتل في وجه القوى الشمالية الغازية للجنوب، ثم نزح برفقة قيادة جنوبية عسكرية في زورق حربي إلى سلطنة عمان ومن ثم إلى السعودية.

 

حتم

 

التحق بحركة تقرير المصير "حتم" التي تأسست في عام 98م، وكان قائدها المناضل عيدروس قاسم الزُّبيدي أنذاك، وهي الحركة التي انتشرت في كثير من المناطق بشكل منفصل، وأقضَّت مضاجع نظام صنعاء باعتمادها العمل الفدائي ضد معسكرات ونقاط الاحتلال الشمالي، وتكونت في غالبيتها من العسكريين والمدنيين الذين أبعدوا من مناصبهم وأحيلوا إلى التقاعد القسري ومن الشباب الجنوبي، حيث جرى إعدادهم وتدريبهم بطريقة سرية في مواقع سرية في مناطق الضالع، ورفان، ويافع، وكان الشهيد من أوائل مفجري ثورة الحراك الجنوبي عام 2007م .

 

وفي عام 2010م تم اعتقاله ومن ثم حكمت عليه المحكمة الجزائية بالإعدام ولكن عدل الله مكنه من الهرب والنجاة من ذلك، ليعود ويقاتل مليشيا الحوثي وصالح خلال غزوها عدن والجنوب عام 2015م.

 

 

قاهر الإرهاب

 

 

قاد (أبو اليمامة) الحملة الأمنية الخاصة بتطهير مدينة المنصورة من العناصر الإرهابية في عام 2015م وانتصر فيها على الإرهاب، كما نجح في قيادة الحملة الأمنية لمحافظة لحج وتم تحريرها بالكامل من العناصر الإرهابية عام 1916م .

 

كما قاد برفقة عبد اللطيف السيد حملة لتطهير المنطقة الوسطى في أبين من الإرهاب، فنجحت الحملة وتم القبض على أعداد من أمراء الإرهاب وضبط أكبر مصنع لتصنيع المتفجرات.

 

تم ترقيته إلى رتبة عميد وعيّن قائدا للواء الأول دعم وإسناد، واتسم أبو اليمامة بالشهامة والشجاعة والإقدام وحسن الخلق والتواضع كما عرفه جنوده ومرؤسيه.

 

 

الجريمة الغادرة

 

 

في الأول من أغسطس وقبيل تدشين تخرج دفعة عسكرية جديدة بمعسكر الجلاء بالبريقة غربي عدن، استشهد القائد العميد منير اليافعي (أبو اليمامة) وعدد من الجنود بصاروخ غادر، في جريمة قوبلت باستنكار وإدانة واسعين محليا وإقليميا.

 

ونعاه الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القائد الأعلى للقوات المسلحة قائلا: "القائد الشاب منير اليافعي (أبو اليمامة) ليس مجرد قائد عسكري سجل حضوره بإقدامه وشجاعته ومزاياه القيادية الفريدة، بل كان مدرسة نضال غير مألوفة، ومثيرة للاهتمام والانتباه، بما كان يتمتع به من جرأة وإقدام في مواجهة الطغاة والبغاة والإرهابيين".

 

وأكد الرئيس الزبيدي خلال فعالية إحياء مئوية الشهيد أبو اليمامة، أن أبو اليمامة عشق الدفاع عن أهله دون أن يهاب الموت، فعشقه الجنوبيين وأحيوه في صدورهم ومواقفهم وخطاهم، واستمد الكثير من أبناء الجنوب قوتهم من تلك الروح الطاهرة التي انضمت لقافلة التضحيات الكبيرة التي قدمت وتقدم وستقدم في سبيل استقلال وطننا الحبيب.

 

وأضاف: "في هذه الذكرى تتجسد أمامنا لحظات مفعمة بالفخر والألم معا نستعيد فيها شريط حياة هذا الفدائي الفولاذي المليئة بالمواقف الشجاعة، والموسومة بالثبات والإقدام والرجولة، منذ انخراطه في النضال التحرري لشعبنا حتى استشهاده واقفا، شامخا بين رجاله وتلاميذه الذين حملوا راية الجنوب من بعده وتعهدوا بالمضي على دربه والثبات على موقفه حتى النصر".

 

وتابع الرئيس الزبيدي: "نريد أن نقول بكلمات مختصرة أننا لم ننساه وبعد مائة عام ومائه عقد لن تنساه الأجيال بل سيظل كل جيل يُخلد سيرة العظماء وبينهم سيرة ومسيرة الشهيد أبي اليمامة بل ستدرّس هذه التضحيات لأجيال لم تعاصر هذه المرحلة الصعبة، لتدرك أي قادة وأي رجال صنعوا مجد وانتصارات هذه الأمة".

 

مؤكداً أن البطل منير أبا اليمامة رحل ومع ذلك مازال حاضرا بإرثه النضالي الخالد، ورغم الغياب إلا أن الأرض الجنوبية بريفها وحضرها، بسهولها وجبالها مازالت تسمع وقع قدميه وهي تصول وتجول تواجه الغزو وتطارد الإرهاب وتصنع السلام والسكينة بدلا عن الخوف والعنف والإرهاب.

 

 

على خطى الشهيد

 

 

وتزامنا مع مرور الذكرى الثالثة لاغتيال الشهيد منير اليافعي، قال قائد حزام عدن العميد جلال ناصر الربيعي، إن "تضحيات أبطالنا الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل الجنوب، ستظل حافزا لنا من أجل الدفاع عن وطننا الجنوبي".

 

وأضاف العميد الربيعي: "أننا جميعا على خطى الشهيد القائد العميد منير محمود اليافعي مشروع شهداء من أجل الحفاظ على تراب وطننا الجنوبي ومستعدون للتضحية من أجله بكل غالي ونفيس".

 

وأكد أن قوات الحزام الأمني على الدوام تجدّد العهد ببذل المزيد من الجهود من أجل الحفاظ على المكتسبات الوطنية الجنوبية التي تحققت، والوفاء للرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، والإخلاص لذكرى الشهداء وتقدير تضحياتهم.

 

كما أشار الدكتور باسم منصور، رئيس الدائرة الإعلامية بالأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي، عضو مجلس إدارة الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، في صفحته على برنامج التواصل الاجتماعي "تويتر" إلى أن مثل البطل أبي اليمامة لا يموت؛ لأن استشهاده حياة لشعب فدته روحه الطاهرة لكي يعيش، ذاكراً أن الشهيد منظومة قيم ومبادئ ستروى للأجيال ليستلهموا منها معاني التضحية لأجل قضية الوطن والشعب.

 

وأوضح الدكتور باسم منصور، أن تحقيق الأهداف النبيلة قد أوشكت بنظرة عميقة وتفكير سليم، مختتماً بأن القضية التي روتها الدماء الطاهرة لشهداء الجنوب لا خيار أمامها إلا الانتصار ولا شيئًا سواه.

 

هذا وأطلق عدد من الناشطين والإعلاميين الجنوبيين بالتزامن مع الذكرى الثالثة لاستشهاد القائد البطل العميد منير محمود اليافعي "أبي اليمامة" هاشتاج بعنوان ‎#ثارأبو اليمامهتطهير_الجنوب، حاز على تفاعل كبير ومشاركة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بهذه الذكرى التي يصعب على الشعب الجنوبي بمختلف فئاته نسيانها لما لها من مكانة خاصة قد حازت عليها، بكل ما قامت بتقديمه لأجل الجنوب وشعبه.