حضرموت تحتفي بالذكرى التاسعة لتحرير ساحلها من الإرهاب بمليونية "حضرموت أولًا"

في مشهد مهيب يعكس إصرارهم على حماية مكتسبات التحرير وتأكيد هويتهم الوطنية الجنوبية، احتشد مئات الآلاف من أبناء حضرموت في ساحة الحرية بمدينة المكلا، احتفاءً بالذكرى التاسعة لتحرير الساحل من تنظيم القاعدة في عام 2016، وتحت شعار "حضرموت أولًا"، ارتفعت أعلام الجنوب خفاقة بين الجموع الغفيرة التي تدفقت من كل مديريات المحافظة، بينما تصدح قلوبهم بهتافات تؤكد على تأييدهم المطلق لقوات النخبة الحضرمية، التي يعتبرونها صمام أمان المحافظة وشريان سكينتها والتحذير من استهدافها.


*الانتقالي يؤكد على حماية المكتسبات ورفض الفوضى*


وشهدت الفعالية حضورًا بارزًا لقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، وعلى رأسهم اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس المجلس، والأستاذ علي الكثيري، رئيس الجمعية الوطنية للمجلس، وكان اللواء بن بريك قد القى كلمة خلال الفعالية أكد فيها على أن حضرموت تواجه تحديات جديدة ومحاولات لزعزعة أمنها واستقرارها. ووجه ثلاث رسائل أساسية: دعا في أولاها التحالف العربي لدعم الخدمات الأساسية وعلى رأسها الكهرباء، وفي الثانية طالب مجلس القيادة الرئاسي بتمكين الكفاءات، وحذر في الرسالة الثالثة بلهجة شديدة الجهات التي تسعى لإعادة الإرهاب إلى المحافظة. كما أشاد بالدور المحوري لقوات النخبة الحضرمية، واصفًا إياها بـ"نواة الدولة الجنوبية"، داعياً شيوخ القبائل إلى توحيد الكلمة ورص الصفوف.

من جهته، أكد العميد الركن سعيد المحمدي، رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي بحضرموت، أن "قوات النخبة وُلدت من ملحمة التحرير، وهي المنجز الأهم في تاريخ حضرموت الحديث"، معتبرًا أي محاولة لتقويضها "محاولة لزرع الفتنة". كما شدد على رفض احتكار تمثيل حضرموت من قبل أي قبيلة أو فرد، مؤكدًا أن مشروع المجلس الانتقالي يقوم على "دولة فيدرالية تُدار فيها المحافظات بصلاحيات كاملة".

وفي السياق ذاته، ألقت الأستاذة أوسان باحسين، كلمة باسم المرأة الحضرمية، عبّرت فيها عن تمكين صوت المرأة في هذه الذكرى الوطنية، مثمّنةً دورها في صناعة النصر ورفع راية الصمود والتضحيات، بدءًا من كونها أمًّا وبطلة. وأكدت على ضرورة تمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم بعيدًا عن التدخلات الخارجية، معتبرةً أن "حضرموت أولاً" هو تعبير عن إرادة شعبية في الحفاظ على خصوصية وتاريخ المحافظة.


*البيان الختامي لمليونية "حضرموت أولًا"*

افتُتح البيان الختامي بالتأكيد على أن تحرير ساحل حضرموت في 24 أبريل 2016 كان نقطة تحوّل مفصلية، شكّل رفضًا عمليًا لإرهاب تنظيم القاعدة وأدوات الاحتلال، بمشاركة أبناء المحافظة من مختلف مكوناتها الاجتماعية والسياسية، وبدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات. وقدّم البيان شكره لأبطال النخبة الحضرمية، ولأسر الشهداء والجرحى الذين بذلوا دماءهم الطاهرة من أجل استعادة أمن واستقرار حضرموت.

وأكد البيان أن النخبة الحضرمية "خط أحمر" لا يقبل المساس، وأنها صمّام أمان المحافظة وضمان مستقبل أبنائها الأمني. وطالب الجماهير بتمكين هذه القوات من بسط سيطرتها على كامل تراب حضرموت، ونقل قوات المنطقة العسكرية الأولى إلى جبهات المواجهة مع الميليشيات الأخرى، تنفيذًا لاتفاق ومشاورات الرياض، وانسجامًا مع تطلعات المواطنين في إدارة شؤونهم الأمنية.

وأشاد البيان بدور التحالف العربي في دعم الأمن والاستقرار، معتبرًا أن التعاون الثلاثي (الجنوب - السعودية - الإمارات) هو الضمانة الأقوى لمواجهة التحديات المشتركة.

واختُتم البيان بالتأكيد على أن "حضرموت ستظل حاضنة للسلام ورافعةً للمشروع الوطني الجنوبي"، داعيًا إلى توحيد الكلمة ونبذ الفرقة، كما ثمّن دور الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي في دعم مطالب المحافظة، مؤكدًا أن "المجلس الانتقالي سيواصل نضاله حتى تحقيق الدولة  الوطنية الجنوبية الفيدرالية".


*تفاعل واسع مع الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت*


أطلق ناشطون وسياسيون جنوبيون هاشتاج
#ذكرى_تحرير_ساحل_حضرموت على منصات التواصل الاجتماعي، تزامنًا مع حلول الذكرى التاسعة لتحرير مدينة المكلا ومدن الساحل الحضرمي من قبضة تنظيم القاعدة الإرهابي في 24 أبريل 2016م. وقد شهدت المنصات تفاعلًا واسعًا مع الهاشتاج، الذي حمل رسائل وفاء لشهداء التحرير، وإشادة ببسالة أبطال قوات النخبة الحضرمية الجنوبية.

وأشاد السياسيون الجنوبيون بالدور المحوري الذي لعبته قوات النخبة الحضرمية، وبدعم التحالف العربي، خاصة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، في تحرير الساحل وتثبيت الأمن، كما حذّروا من محاولات إعادة سيناريو 2015، من خلال تكتلات مشبوهة تسعى لإعادة تموضع الجماعات الإرهابية. وأكدوا أن حضرموت تمثل العمود الفقري للدولة الجنوبية القادمة، وأن أبناءها سيظلون في طليعة المشروع الوطني الجنوبي حتى استعادة الدولة كاملة السيادة.

بدوره، نشر الشيخ راجح سعيد باكريت، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، مقالًا أوضح فيه أن ملحمة تحرير الساحل تجسيد للحس الوطني والتلاحم الشعبي بقيادة نخبة احترافية، وأن هذه التجربة ستظل نموذجًا رائدًا في معركة الوطن ضد الإرهاب، معززةً مكانة حضرموت في قلب المعادلة الوطنية.

من جهته، أوضح أنيس الشرفي، نائب رئيس هيئة الشؤون الخارجية والمغتربين بالمجلس، أهمية التكامل الثلاثي بين الجنوب والسعودية والإمارات، مشيرًا إلى أن تحرير ساحل حضرموت كان ترجمة للتعاون الأخوي، ودليلًا على ما يمكن تحقيقه عندما تتوحد الجهود الاستراتيجية في مواجهة تهديدات جماعات الظلام.

كما أكد الدكتور باسم منصور الحوشبي، رئيس دائرة الإعلام والثقافة في الأمانة العامة للمجلس، أن مليونية "حضرموت أولًا" تمثّل تجديدًا لإرادة الشعب الجنوبي، دفاعًا عن هوية محافظة تحمل عبق التاريخ وعمق الوعي الجمعي، مشددًا على أن الحوار الوطني الجنوبي سيستمر لربط الأطراف وتوحيد الكلمة ضد مشاريع التقسيم.


لم تكن هذه المليونية الحاشدة، مجرد احتفاء بذكرى النصر وتحرير الساحل من قبضة الجماعات الإرهابية، بل جاءت لتحمل في طياتها رسالة سياسية وأمنية واضحة للعالم، أكد من خلالها أبناء حضرموت على وحدتهم وإصرارهم على حماية أمن واستقرار محافظتهم، والمضي قدمًا نحو تحقيق تطلعاتهم في بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة.