الرئيس الزُبيدي يبارك انعقاد الدورة الأولى للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي (نص كلمة الرئيس)

ألقى الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي كلمة في مستهل أعمال الدورة الأولى للجمعية الوطنية للمجلس، التي أنطلقت صباح اليوم الأحد في صالة فندق كورال بمديرية خورمكسر بالعاصمة عدن. 

 وبارك الرئيس الزُبيدي في كلمته انعقاد الدورة الأولى للجمعية، وداعياً الله تعالى بالتوفيق والسداد لأعضاء الجمعية في مهامهم الوطنية العظيمة والجسيمة في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ الجنوب.

فيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس الزُبيدي:

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وبه نستعين، والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين رسولنا الصادق الأمين، محـمد ابن عبدالله.. وعلى آله وصحبه أجمعين ..

 الأخ رئيس الجمعية الوطنية الجنوبية

الاخوات والاخوة الأعضاء، يا ممثلي الشعب وصوته ومُشرّعي تطلعاته العظيمة

أيها الجنوبيون في الداخل والخارج

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

نلتقي بكم اليوم مرة أخرى، بعد مرور ستة أشهر على انعقاد الدورة التأسيسية للجمعية الوطنية الجنوبية. ويسرنا كثيراً أن نبارك لكم نجاحكم في المُضي قدماً وبشكل جيد نحو تفعيل العمل المؤسسي للذراع التشريعي للمجلس الانتقالي الجنوبي المتمثل في الجمعية الوطنية الجنوبية، التي جاءت كجزء من المجلس بعد نضالات وتضحيات قدمها الشعب الجنوبي العظيم، داعياً الله تعالى لكم جميعاً بالتوفيق والسداد في مهامكم الوطنية العظيمة ومسئوليتكم الجسيمة في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ جنوبنا الغالي.

 

أيها الأخوات والاخوة، ممثلي الشعب:

اليوم وأنتم تعقدون الدورة الأولى للجمعية الوطنية الجنوبية، نجد أنفسنا جميعاً أمام لحظة دقيقة وفارقة من عمر قضيتنا العادلة. لذلك فإنني أود القول وبكل وضوح ان وجودكم هنا يجب ان يعبر جلياً عن إرادة الشعب وما يقرره وما يريد تحقيقه، ارسموا خارطة المستقبل ولتتحملوا مسؤوليتكم الوطنية بكل جدارة، فنحن جميعاً قد قررنـا استعادة الوطـن الجنوبي من خاطفيه، وضحينا لأجل ذلك القرارولا زلنا نضحي حتى اليوم، وبدون أدنى شك ان احدى ثمار تضحيات الجنوبيين هو وجود هذه الكوكبة المحترمة من أبناء هذا الوطن الجنوبي كممثلين لشعبه ومعبرين عن طموحه وآماله وأهدافه.

انكم اليوم –أيها الأخوة –ترسلون رسالة للعالم كله مفادها قدرتكم على ارساء قواعد نظاماً ديمقراطياً، ومفادها أيضاً نيتكم الصادقة في إعادة بناء مؤسسات الدولة الدستورية. ولقد استطاع شعبنا الجنوبي العظيم عبركم أن ينتصر لمستقبله وان يستعيد حلمه. والمضي في ذلك حتى استعادة كافة الحقوق السياسية ومن ثم بناء مؤسسات الدولة في إطار تتوازن فيه السلطات تحت مظلة الديُمقراطية.

لقد أثبت الجنوبيون سلميتهم وقوتهم وعظمتهم حين قرروا إنفاذ إرادتهم الوطنية رغم الصعاب والتعقيدات التي تُوضع امامهم في كل منعطف، وإننا جميعاً ماضون قدماً في مشروعاً وطنياً يهدف الى الاستقلال وبناء دولة جنوبية حديثه ولن نسمح لأيً كان أن يعرقل تقدمنا مهما كانت الظروف.

وكما قلت لكم سابقاً يوم انعقاد الدورة التأسيسية أعيد عليكم اليوم ما قلته لأذكركم ان جميع ابناء شعبنا الجنوبي العظيم يتطلعون اليكم ويثقون بكم .. فلا تخذلوهم.. كونوا على قدر المسئولية التاريخية الملقاة عليكم.. وانه لشرف ما بعده شرف.. وثقوا بأننا سنقف معكم في جميع ما يمكن ان يساعدكم على انجاز مهامكم الوطنية على أكمل وجه. فنحن قد دفعنا سوياً من التضحيات ما لا يسمح لنا ان نعود الى الوراء نهائياً، لذلك نحن نتطلع الى رأيكم وما تقررونه بالنيابة عن الشعب.

اننا منذ البداية على دراية كاملة بواقع الأوضاع الصعبة التي تمر بها بلادنا والتي يمر بها الشعب نتيجة لاستمرار خصومنا في محاولاتهم المستميتة لتغيير واقعنا الذي بات لا يخدم مصالحهم وأهدافهم الباطلة، وفي هذا الصدد فإنني لا اُخفي عنكم حقيقة صعوبة المهمة إلا أن هذا كله لم يغير ثقتنا أبداً في ان شعبنا الجنوبي قادر على المواجهة وتحدي المخاطر والعبور بسلام نحو مستقبل رسمناه، وهذا ثابت ما دمنا نمتلك الوعي الحقيقي لقيم الثورة والإرادة الصلبة. لم تتزعزع ثقتنا وإيماننا قط في اننا سنبلغ غايتنا وسنحقق أملنا وهدفنا وانني اجدد لكم العهد، عهد الرجال للرجال ان تبقى راية هذا الوطن الجنوبي عالية وخفاقة بأيدي أبنائه جميعاً.

 

السيدات والسادة، ممثلي الشعب:

إن الأوضاع التي تمر بها بلادنا السياسية والأمنية والاقتصادية تمثل تحديات لم يسبق لها مثيل وإنها لتفرض علينا جميعاً مسئولية تاريخية واستثنائية يجب ان يبقى فيها بنياننا شامخاً وثابتاً ودوركم هنا في الجمعية الوطنية التي تمثل البرلمان الجنوبي هو أن تمارسوا هذه المهام في سياق ديموقراطي يضع مصالح الوطن العليا أولويةقصوى.

لقد واجهنا في الفترة الماضية احداث عدة وعاصرنا تفاصيل قضايا مختلفة، أولها ملف الحكومة التي يرأسها احمد بن دغر والتي مارست على الشعب تعذيب ممنهج يهدف الى اخضاع الناس ودفعهم الى التنازل عن أهدافهم وكسر ارادتهم وارغامهم على القبول بمصير سياسي لا يمثل رغبتهم ولا يعبر عن تطلعاتهم. لقد واجهتــنا هذه الحكومة بورقة الخدمات والمرتبات وسياسة التجويع والحرمان، وتطور الأمر الى استخدامها للقوة ضد من خرجوا سلمياً مطالبين بحقوقهم مما اضطر بقوات المقاومة الجنوبية الى الدفاع عن أرواح الناس، وهذا دوراً سنقوم به بكل تأكيد كلما فكر أي أحد ان يهدد حياة شعبنا.

لقد تدخلت دول التحالف العربي كوسيط ضامن على الطرفين، ولأننا دعاة للسلام ولأننا صادقين عندما نقول اننا نريد المضي بكم في طريق آمن بعيداً عن العنف، طريقاً یسلّم الجميع من تبعات نحن في غناء عنھا، ووفاء لتحالفنا مع دول التحالف العربي، فقد استجبنا لدعوة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، واخترنا طريق التهدئة والهدنه، اختيار الأقوياء والمنتصرين، لا اختيار الضعفاء ولا الخائفين. وقد كان الجميع يعرف اين كنا وأين سنكون فيما لو أردنا ذلك.

واليوم وبعد هذا كله، نؤكد على انتهاجنا للحوار من أجل السلام إيماناً منا بأن وحدة الصف الجنوبي هي خير ضامن لمستقبلنا السياسي، ولأن التصالح والتسامح مبدأ لا خلاص للجنوب ولا انتصار الا به، سنستمر بالحوار وبكل الوسائل الممكنة حتى استعادة دولتنا وحقوقنا السياسية كاملة. ان انتهاجنا للحوار السلمي ما هو الا إيماناً منا بضرورة خلق صيغة سياسية متفق عليها يُجمع عليها أبناء الجنوب وتكون بمثابة الطريق الآمن نحو استعادة دولتنا وصناعة مستقبلنا الآمن. وبنفس المستوى من الرغبة في الحوار والسلمية، فإننا جاهزون دائما لمواجهة أي تهديدات تنتقص من حق شعبنا ماضيه وحاضره ومستقبله.

 

الاخوات والاخوة، ممثلي الشعب:

لقد عملنا بكل الإمكانيات على إعادة وبناء العلاقات السياسية مع العديد من الأطراف الخارجية الفاعلة، ولقد نجحنا بفضل من الله وبجهود المخلصين لهذا الوطن الجنوبي بفتح قنوات اتصال سياسي مع بعض الدول الكبرى والدول الإقليمية الفاعلة والعديد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية.

وفي إطار انفتاحنا السياسي على العالم انتهجنا بناء علاقات دولية رشيدة قائمة على التفاهم والتعاونوالاحترام المتبادل واستطعنا أن نعزز من دورنا وحضونا الإقليمي والدولي. ولقد عقدنا عدة لقاءات ناجحة مع سفراء بعض دول ال 18 وعرضنا عليهم رؤيتنا للحل وناقشنا مختلف الملفات والقضايا العالقة في بلادنا ونقلنا تطلعات الشعب الرامية نحو دولة مستقلة يسودها الأمن والسلام والوئام، والتقينا أيضاً بالمبعوث الأممي الخاص وبمكتبه مرات عده، وأكدنا على اننا جزء من عملية السلام وأننا كجنوبيين حاضرين للجلوس على طاولة المفاوضات بالنيابة عن أنفسنا، وأكدنا اننا لن نسمح الا بحلول يرتضيها الشعب وتكون كفؤة لنضالاتنا وتضحياتنا ودماء شهدائنا.

اننا لن نقبل بأي تأجيل لقضية الجنوب لإدراكنا الكامل ان قضيتنا العادلة هي مفتاح للحل، ولأن معطيات الواقع السياسي الحالي تقول ذلك ايضاً، فإننا نوهنا للجميع على ضرورة الاخذ بزمام المبادرة وانتهاج طريقة ناجحة للحل تبدأ بالبحث عن حل القضية التي لا تنازل عنها، فمن لا يستطيع تطبيق أي التزامات على الأرض عليه وبكل تأكيد ان لا يغامر للتوقيع على أمر يخص الجنوب وشعبه وقضيته.

يا أبناء شعبنا الجنوبي العظيم:

نجدد دعمنا ووقوفنا الى جانب دول التحالف العربي في الحرب على الميليشيات الحوثية حتى تحقيق اهداف عاصفة الحزم والأمل. وبجانب هذا الالتزام، ومع ادراكنا الكامل لضرورة وظروف الصراع العربي الفارسي الا اننا نؤكد ان كل التحالفات التي نشأت او قد تنشأ نتيجة ذلك، لن نقبل أبداً ان تكون هذه التحالفات على حساب قضيتنا او حضورنا او مستقبلنا السياسي.

 

يا رجال قوات مقاومتنا الجنوبية البطلة:

احييكم، أحيي بسالتكم وشجاعتكم، أحيي فيكم صبركم وجلادكم واقدامكم اللامتناهي، احييكم حين رفعتم رؤوسنا ورفعتم اسم الجنوب عالياً، احييكم كلما رفعتم رايتكم الشماء عالياً خفاقة لا يقف تحتها غيركم ولا يلازمكم ويلازمها الا النصر، النصر الذي كسر شوكة خصومكم واخرس افواه طالما أخطأت بحقكم.

انكم اليوم وعلى مختلف الجبهات سواء في الداخل الجنوبي او في الساحل الغربي وعلى حدودنا المختلفة، ترسمون بدمائكم الطاهرة ملامح مستقبلنا، فأنتم مصدر فخر واعتزاز الجنوبيين والأمة أجمع. ونؤكد لكم اننا على نفس الدرب ماضون حتى انجاز ما نريده.

الماجدات الجنوبيات:

أخاطب اليوم من خلالكن المرأة الجنوبية، المدرسة التي طالما صنعت رجالاً من أجل الوطــن، اليوم أنتن على عتبات عهدً جديداً يجب ان تعبرن فيه عن تطلعاتكن وقضاياكن ولتكونن صوتاً للحق، ولتتمسكن بأحلامكن فأنتن الوطن وأنتن نصف المجتمع، وصورة الرجل ومرآته.

شبابانا ومستقبلنا الواعد:

انني أرى فيكم الأمل والمستقبل وثقتي فيكم ليس لها سقف ولا حدود، مؤمن انكم عجلة التغيير نحو المستقبل الآمن، وأنتم نواة حقيقية لحياة سياسية متجددة، فأنتم عماد الثوابت الوطنية وحماسها الحقيقي ونبراسها الذي لا ينطفئ. فخور ان اراكم هنا ممثلين للشعب ومعبرين عن تطلعات الشباب الجنوبي العظيم رمز التحدي والقوة.

 

الاخوات والاخوة، ممثلي الشعب:

كونوا انعكاساً حقيقياً لنبض الشعب وصوت الجماهير، مارسوا مهامكم بتجرد ونزاهة وكلنا فيكم ثقة، أوصيكم بالخروج من هنا أكثر إرادة وقوة عنوانها إعلاء مصالح الوطن الجنوبي وصونوه فهو أمانة في أعناقكم، ضعوا قضايا المواطن على أولويات عملكم واجندتكم، وتذكروا ان الجنوبيون ينتظرون منكم الكثير.اعملوا ما تروه مناسباً وسوف نتقدم صفوفكم دائما من أجل الوطن، وكما قلنا سابقاً بالعمل سوياً، سنجتاز كل الصعاب حتى نصل الى الضفة الأخرى حيث الأمان والسلام والاستقلال.

شكراً لروحكم الوطنية العالية، كونوا على قدراً من المسؤوليةوأتمنى لكم كل النجاح والتوفيق


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته